فصل: حكمها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب اللباب في بيان ما تضمنته أبواب الكتاب من الأركان والشروط والموانع والأسباب



.النوع الأول: النقود:

والنقد إن بيع بغير نوعه سمي صرفًا، وإن بيع بنوعه وزنًا سمي مراطلة، وإن بيع بنوعه عددًا سمي مبادلة، ويشترط في الصرف وجود المناجزة، وفي المراطلة والمبادلة المناجزة والمماثلة، والمناجزة عبارة عن سرعة التقابض، ومدار هذا الباب على تحقيق المناجزة، وذكر ما ينافيها، وتحقيق المماثلة، وذكر ما ينافيها، ولا شك في منافاة تاريخ القبض إن حصل قصد أو بعد، فإن حصل غلبة فقولان، وإذا قلنا بالصحة في غلبتهما فغلبة أحدهما أولى؛ لأنه يتهم أن يقصد إبطال الصرف فيعامل بنقيض قصده، وإن قلنا بالبطلان فقولان، والصحة فيها اختيار القاضي أبي بكر، وإن حصل التأخير بطول المجلس بطل خلافًا للشافعي، فإن قرب فالمشهور البطلان، واختلف في علة الربا في النقدين، هل هو جوهر الثمنية فتكون العلة قاصرة أو غلبتهما في الثمنية فتكون متعدية وعليهما اختلف في جريان الربا في الفلوس بالجواز والمنع والكراهة، ثم المقتضي للفساد وفاقًا وخلافًا ينقسم بالنسبة إلى محل وجوده خمسة أقسام: قسم يرجع إلى كيفية العقد، وقسم يرجع إلى غيبة النقد، وقسم يرجع إلى غيبة المصرف، وقسم يرجع إلى ما يقترن بالعقد، وقسم طار على العقد.
القسم الأول: يشتمل على المواعدة، والخيار، والحميل، والتصديق، وشرط عدم المقاصة.
المواعدة: فيها ثلاثة: الجواز لابن نافع، والمنع لأصبغ، والكراهة لمالك وابن القاسم. ابن بشير القول بالكراهة حمل على المدونة، وظاهرها المنع والتعويض جائز كالعدة.
الخيار: المشهور فيه المنع والجواز، حكاه ابن شعبان وغيره، وحكى ابن رشد اتفاق المذهب على فساده كانا معًا بالخيار أو إحداهما، وفي فساده بالخيار الحكمي قولان.
الحميل: إن أخذه بما عساه يجده من نقص أو استحقاق منع؛ لأن التناجز لم يحصل وإن أخذه بما عساه يجده من نحاس فأجراه اللخمي على القولين في جواز البدل.
التصديق: في الوزن أو في الصفة أو فيهما ممنوع على المشهور، وأجازه أشهب. وإن صرف منه دينارًا على أن لا يقاصصه بما له عليه فثلاثة: البطلان، والصحة ولو شرطه، والصحة وبطلان الشرط.
القسم الثاني: غيبة النقد، ولذلك أربع صور:
الأولى: أن يغيب بعد حضوره وقبل التقابض من أن يبعث أحدهما العوض إلى منزله، ثم يدفع عوضه، وذلك فاسد، فإن دفع ذلك بعد تراخ، فظاهر المذهب المنع، وإن أدخله تابوته أو خلطه بمتاعه كره ولم يفسد، والأكمل أن يكونا بين أيديهما.
الصورة الثانية: أن يكون غائبًا عن المجلس، لكنه في حكم الحاضر، وهو ما في الذمة، وقد منعه أشهب مطلقًا، وأجازه ابن شعبان مطلقًا، والمشهور الجواز في الحال دون المؤجل، ثم حيث أجزناه فذلك ما لم يكن بشرط في أصل البيع مثل أن يبيعه سلعة بنص دينار إلى أجل على أنه يأخذ منه دراهم عند حلول الأجل، وذلك حرام.
والصرف على الذمة مثل أن يعقدا صرفا في دينار، ثم يتسلفا ما عقدا عليه، ولا شك في فساده إن طال وإن قرب، وتسلفا معًا فسدا أيضًا، وإن تسلفا أحدهما فأجازه ابن القاسم ومنعه أشهب.
الثالثة: أن تكون تحت يد الغاصب، فإن كان مصوغًا قائم العين، فالمشهور المنع وإن لم يكن قائم العين، بل ذهبت عينه جملة جرى على صرف ما في الذمة، وإذا قلنا بالجواز، فيصرف منه قيمته على المشهور، وقيل: بل رؤيته وإن دخله عيب يوجب الخيار، فإن ضمنه القيمة ثم أراد أن يصرفها منه فيجري على الخلاف فيمن خير بين شيئين هل يعد منتقلاً أم لا، وإن كان مسكوكًا جاز؛ لأنه لا يعرف بعينه.
الرابعة: أن تكون تحت يد أمين كالمرتهن والمستعير والمستأجر والمودع، فيصرفه منه، وقد نص في المدونة على المنع في الوديعة في المصوغ والمسكوك. وروى أشهب الجواز في المسكوك.
وقال ابن القاسم بالمنع في المسكوك المرهون. وروى محمد الجواز. وفي الجواهر حكم العارية حكم الرهن، وحكم المستأجر حكم الوديعة.
القسم الثالث: غيبة المصرف قبل القبض، ولذلك ثلاث صور:
الأولى: أن يوكل من ينوب عنه مثل أن يعقد الصرف ويوكل من يقبض وينصرف، فإن تراخى قبض الوكيل بطل، وإن لم يتراخ فظاهر المدونة المنع.
وقال في الموازية في شريكين صرفا ثم وكل أحدهما صاحبه وذهب: أن ذلك جائز، ولو وكله على العقد والقبض صح على المنصوص.
الثانية: أن يعقدا صرفا، ثم يحيل من يقبضه، فإن غاب المحيل لم يجز، وإن قبضه المحال بحضرته، فقال ابن رشد: لا يجوز بخلاف قبض الوكيل، وحكي الجواز عن أشهب وسحنون.
الثالثة: أن يغيب عن بعض ما عقد عليه محققًا أو توهمًا وهو موجب لنقض ما لم يقبضه، وفي غيره خلاف، فإن دخلا على قبض البعض دون البعض، فحكى ابن رشد الاتفاق على نقض ما قبض ودخلا على قبض الجميع، ثم أخر البعض، ففي بطلان ما قبض قولان لابن القاسم في المدونة والموازية، ولو أودعه ما صرف منه، فإن كان مصوغًا أو مسكوكًا مطبوعًا عليه جاز وإلا لم يجز.
القسم الرابع: ما يقترن بالعقد، وذلك البيع، وهو ممنوع على المشهور، إلا في اليسير، فإن اجتمعا في دينار، فقال ابن القاسم: يجوز إذا كان أقل مثل أن يبتاع سلعة بثلثي دينار، فيدفع إليه دينارًا، ويأخذ بقية دراهم.
وقال ابن حبيب: لا يطلب أن يكون أحدهما تبعًا فيه ليسارته. وحكى ابن شاس أن ذلك هو المشهور. ثم إذا قلنا باعتبار اليسارة، فقال في الموازية: هي الثلث فما دونه.
وقال القاضي أبو محمد: هي الدرهم فما فوقه يعجز أو الدينار أو الدرهم يريد وكثيره غير جائز، فيجوز الضرورة، وإذا اجتمعا في أكثر من دينار، فلابد أن يكون أحدهما تبعًا، ثم إن كانت السلعة أكثر والصرف أقل، فيعتبر أن يكون الصرف في أقل من دينار، وإن كان الصرف أكثر، فقال أبو موسى بن مناس: المعتبر أن تكون قيمتها أقل من دينار، وقيل: أن تكون الثلث فأدنى.
القسم الخامس: ما يطرأ بعد تمام الصرف، وهو وجود النقص والاستحقاق.
والنقص: إن كان في المقدار ووجده بالحضرة ولم يطل ورضي به أو رضي الآخر بالإتمام صح، وإن لم يرض ووقع الصرف على غير معين أجبر هذا على الإتمام والآخر على القبول، وإن وقع على معين، ففي الإجبار قولان، وإن وجده بعد المفارقة أو طول المجلس، فإن قام به انتقض، وإن لم يقم صح به الصرف فيما لم يقع فيه التأخير اتفاقًا، وأما ما حصل فيه التأخير فثلاثة: النقض مطلقًا، فينقض صرف دينار، فإن كان النقض أكثر من صرف دينار فديناران، وهذا قاله ابن القاسم، وعدمه مطلقًا لأشهب. وعدمه في اليسير لابن القاسم أيضًا، واليسير الدرهم في المائة، والدانق في الدينار، وقيل: الدانقان، وقيل: ما تختلف فيه الموازين، وإن كان في الصفة فإن لم يكن فيه شيء من العين ووقع الصرف على غير معين انتقض الصرف على المشهور.
وقال ابن حبيب وغيره بجواز البدل، وإن وقع على معين، فقال اللخمي وأبو بكر بن عبد الرحمن بجواز البدل قولاً واحدًا بناء على رواية أشهب في اعتبار التعيين.
وقال جل المتأخرين: يجري على القولين بناء على رواية ابن القاسم في عدم تعيينها، وإذا قلنا بالبدل فأعطاه من الجنس معجلاً جاز، وإن أعطاه مؤجلاً أو من غيره فمنعه ابن القاسم وأجازه أشهب، وإذا قلنا بالنقض لأجل نقص المقدار أو الصفة فأربعة ينتقض صرف دينار خاصة، قاله مالك وابن القاسم، والجميع قاله ابن القاسم أيضًا، والجميع إن لم يسم لكل دينار وإن سمى انتقض صرف دينار أو أزيد إن كان النقص أزيد من صرف دينار وينتقض ما قابل النقص.
الاستحقاق: إن كان في المسكوك واستحق بالحضرة لم ينتقض، وكان له دفع بدله وسواء وقع على معين أو لا.
قال ابن الكاتب: إذا كان عنده بدلها لزمه دفعها بالحكم عند ابن القاسم وعند أشهب وسحنون إن صرفها على معين لم يلزمه دفع غيره، وإن استحق بعد المفارقة أو الطول بطل الصرف كانت معينة أو غير معينة، وأما المصوغ فينتقض الصرف فيه مع عدم التراخي مطلقًا، وكذلك إن رضي بعد المفارقة وإن رضي بدفع المثل قبل التفرق وقبل غيبة المصوغ جاز، فإن أراد المستحق إجارة البيع والمصوغ بالحضرة جاز خلافًا لأشهب بناء على أن الخيار الحكمي الشرط ولو فات فتعلق بالذمة فله الإجارة. بيع النوع بمثله وزنًا يطلب فيه مع المناجزة، وقد بولغ في مراعاتها حتى جعلوا توهم الربا كتحققه، ولذلك منع بيع سلعة ودرهم بسلعة ودرهم، واختلف في الدرهم الواحد يشترى بنصفه سلعة ويرد عليه نصفه، فمنعه سحنون، والمشهور الجواز، وقيل: يجوز في أقل من النصف، وقيل: يجوز في غير الفلوس، ثم المماثلة تكون بالوزن تحقيقًا أو تقديرًا، أما التحقيق، فحيث يمكن الوزن وذلك إن كانا غير متصلين بسلعة، فيجعل كل واحد منهما في كفة، فإذا استوى لسان الميزان صحت، وقيل: يوزن بصنجة واحدة، ثم إن اختلفا بالجودة والرداءة جاز على المشهور، وعلى المشهور فإن كان الجيد كله في جهة جاز، وإن كان أحد العوضين بعضه أجود وبعضه أدنى امتنع، ووقيل: يجوز في غير الفلوس، ثم المماثلة تكون بالوزن تحقيقًا أو تقديرًا، أما التحقيق، فحيث يمكن الوزن وذلك إن كانا غير متصلين بسلعة، فيجعل كل واحد منهما في كفة، فإذا استوى لسان الميزان صحت، وقيل: يوزن بصنجة واحدة، ثم إن اختلفا بالجودة والرداءة جاز على المشهور، وعلى المشهور فإن كان الجيد كله في جهة جاز، وإن كان أحد العوضين بعضه أجود وبعضه أدنى امتنع، وإن كان بعضه أجود وبعضه مساويًا، فأجازه ابن القاسم ومنعه سحنون، وإن اختلفا بالسكة والصياغة، فثلاثة يفرق في الثالث، فتعتبر الصياغة دون السكة، وعلى الاعتبار فيكون حكمها حكم الجودة، وإن كان متصلاً بسلعة وكان في فصله عنها ضرر، وأراد أن يبيعه بنوعه، وكان تبعًا جاز نقدًا خلافًا لابن عبد الحكم، ومنه إلى أجل خلافًا لسحنون، وإذا قلنا بالمنع، فهل منع تحريم أو كراهة قولان للمدونة محمد، واتبع الثلث، وقيل دونه، وقيل النصف وتعتبر التبعية بالقيمة، وقيل بالوزن، وإن كان غير تبع لم يجز وفواته كالبيع الفاسد خلا حوالة الأسواق.
وقال سحنون: لا يفوت لشيء.
والمبادلة: جائزة في العددي دون الوزني، فيجوز إبدال اليسير بأوزن منه يسيرًا إذا كان القصد المعروف والتعامل بالعدد، فإن كان الأنقص أجود ذهبًا لم يجز اتفاقًا، وإن استوى السكتان جاز اتفاقًا، وإن كان الأرجح أفضل سكة، فأجازه ابن القاسم ومنعه مالك، والثلاثة يسير والسبعة كثير، وفيما بينهما قولان والقضاء بالمساوي وبالأفضل صفة ومقدارًا جائز وبالأفضل مقدارًا جائز في البيع دون القرض إلا في اليسير جدًا كرجحان الميزان.
وقال ابن دينار وابن حبيب: يجوز مطلقًا.
وقال أشهب: يجوز ما لم يكثر مثل زيادة الدرهم والدرهمين والسكة والصياغة هنا معتبرة اتفاقًا.
المقاصة: وإذا كان لرجل قبل رجل عين وللآخر عليه عين، فإن اختلفا كذهب وورق، وأرادا أن يتقاصا بأن يقتعد كل واحد بما في ذمته، فإن كانا حالين جاز على المشهور، وإن لم يحلا أو حل أحدهما امتنع على المشهور، وإن اتفقا في النوع وكانا من بيع، فإن استويا صفة ومقدارًا وحلولاً جاز، وإن اختلفا في الوزن لم يجز، وإن اختلفا في الصفة وحل الأجلان جاز، وإن لم يحلا منه على المشهور، وإن اتفقا صفة ومقدارًا ولم يحلا أو حل أحدهما والأجلان مفترقان أو متفقان فثلاثة: الجواز لابن القاسم إذ لكل واحد منهما التعجيل لتساويهما ولا ضمان في العين.
وقال ابن نافع: إن حل أحدهما جاز، وإلا فلا، وروى أشهب المنع إذا اختلف الأجل والوقف إذا اتفق، وإن كانا من قرض واتفقا صفة ومقدارًا وحل الأجلان أو حل أحدهما جاز، وكذلك إن لم يحلا على المنصوص، وإن اختلفا في الصفة والوزن، فإن كان يسيرًا جاز، وإن كثرت جرى على الخلاف المتقدم، وفي القليل بالأكثر عددًا.
وقال اللخمي: إن كان أكثرهما أولهما قرضًا جاز، وإلا لم يجز، فإن استوى الأجل فمنعه ابن القاسم، وأجازه ابن حبيب وغيره.
قال: وإن حل أحدهما وهو الأقل أو لم يحلا أو كان أقلهما أولهما حلولاً لم يجز، وإن حل الأكثر أو كان هو أولهما حلولا أو أولهما قرضًا جاز، وإلا لم يجز، فإن استوى الأجل جاز ما لم يكن الأكثر آخرهما قرضًا، وإن كان أحدهما من بيع والآخر من قرض جاز ما لم يكن الأقل أولهما حلولاً وما لم يعد إلى المقرض أكثر.

.النوع الثاني: المطعومات:

والربا فيها يكون بأمرين: النساء والتفاضل.
فلا يجوز النساء في كل مطعوم دون ما يكون دواء فما اتفق على أنه مطعوم جرى فيه هذا الحكم كالبقول والفواكه الرطبة وما اتفق على أنه دواء جاز بيع بعضه ببعض إلى أجل كالبصل والزعفران والشاهترج وما اختلف فيه يختلف في بيعه بالطعام إلى أجل كالطلع والبلح الصغير والتوابل كالفلفل والكزبرة والكمونين والرازيانج، فقيل: طعام، وقيل: دواء في الحلبة ثلاثة يفرق في الثالث، فتكون الخضراء طعامًا واليابسة دواء، وفي الماء العذب قولان.
التفاضل: وفي علة التحريم سبعة فالأكثرون على أنه الاقتيات والادخار وهو القول المعمول به والاقتيات، وفي معناه إصلاحه ويرده جريان الربا في لبن الإبل لكن أقيم دوام وجوده كادخاره والادخار وغلبته والمالية والاقتيات أو التفكه والادخار والاقتيات والادخار للعيش غالبًا، وهو رأي ابن القصار وعبد الوهاب. ثم إن اتفق وجود هذه العلل في شيء فينفق على أنه ربوي كالبر والشعير والعلس والأرز والذرة والدخن والقطاني والتمر والزبيب واللحم والملح والزيتون والقرطم وبزر الفجل الأحمر ونحوه لما يعتصر منه والبصل والثوم، وتردد مالك في التين إذا لم يكن مقتاتًا بالحجاز، وإلا فهو أظهر من الزبيب وما لم يوجد فيه واحد منها فغير ربوي اتفاقًا كالخس والسريس ونحو ذلك وما وجد فيه بعض دون بعض فيختلف فيه للخلاف في العة، وقد يختلف في العلة هل هي موجودة فيه مع الاتفاق على العلة كالجوز واللوز والفستق والبندق والجراد. ابن بشير. ولا يختلف في أن التين ربوي مع اختلاف أصنافه واختلاف أيضًا في العنب الذي لا يتزبب والرطب الذي لا يتمر والرمان والكمثرى والخوخ والموز والمشهور أن البيض ربوي واختلف أيضًا في السكر والعسل والتوابل، ومذهب ابن القاسم أنها ربوية وخالفه أصبغ.
قال المازري: والنكتة التي تدور عليها فروع هذا الكتاب اعتبار الغرض في مجرى العادة وفي الطعام هل يدخر للدواء أو للاقتيات والايتدام وإصلاح الأقوات واختلاف الجنسية يبيح التفاضل واتحادها يمنعه، فأصناف الحنطة وأصناف التمر وأصناف الزبيب أصناف لحوم ذوات الأربع وأصناف لحوم الطير وأصناف لحوم ذوات الماء وأصناف الجراد وأصناف الألبان لا يجوز بيع صنف بصنفه متفاضلاً بل متماثلاً ويجوز كل صنف بغيره متفاضلاً واختلف فيما عدا ذلك فمن ذلك القمح والشعير والمشهور أنهم صنف واحد خلافًا للسيوري والسلت كالشعير ومنه الأرز والذرة والدخن والمشهور عدم إلحاقها بالبر وأنها أجناس ومنه العلس وظاهر المذهب عدم إلحاقه بالبر وألحقه به في الواضحة ومنه القطاني كالفول والعدس والحمص واللوبيا والجلبان والبسيلة وفي كونها جنسًا أو أجناسًا قولان والكرسنة قيل من القطاني، وقيل: جنس قائم بنفسه، ومنه التوابل، والمشهور أنها أجناس، ومنه أخباز ما حكم فيه بالتمييز كأخباز القطاني، والمشهور أنها أجناس خلافًا لأشهب، ومنه الأمراق واللحوم المطبوخة، والمشهور أنها صنف من غير التفات لاختلاف اللحوم واختلاف ما يطبخ به، ومنه الكعك بالأبزار بالخبز، ومقتضى ما تقدم في الأمراق المنع، لكن قد أجازوا التفاضل بينهما. وتعتبر المماثلة في الحبوب الجافة بما اعتبره الشرع فيها من كيل أو وزن، فإن لم يكن فبالعادة العامة، فإن لم تكن فبعادة محله، فإن جرت بالوجهين اعتبرت ما شئت منهما، ومتى فقد الوزن جاز التحري في اليسير لا في الكثير على المنصوص، فإن كانت رطوبة في أحد الصنفين كالرطب والتمر منع بيع بعضه ببضع لأن اليبوسة ليست حال كماله، فالمماثلة غير حاصلة، ولو كانت الرطوبة هي حال كماله جاز كبيع اللحم الطري باليابس قولان، وفي الموازية جواز بيع الخبز اليابس بالطري تحريًا.

.العرايا:

والعرايا: مستثناة من الربا والمزابنة والغرر وبيع طعام بالطعام نسيئة، ومن شراء الجزاف بالمكيل، ومن شراء الرطب باليابس، ومن الرجوع في الهبة، وهي جمع عرية بتشديد الياء واشتقاقها من قولهم عروته أعروه إذا أتيته أطلب معروفه.
وحقيقتها: هبة ثمر نخلة أو نخلات من حايط.

.حكمها:

الجواز في النخل والعنب، وفي إلحاق ما يبس من الثمار بهما قولان المشهور الإلحاق وبيعها من غير المعرى يجري على أحكام البايعات والمرخصة بيعها من المعرى بخرصها على المشهور، وفي بيعها منه بالعين روايتان المشهور الجواز، حكاه في الجواهر، وحكى عياض أن المشهور المنع، ثم حيث أجزنا له شراءها فخرصها، فذلك بثمانية شروط:
الأول: أن تكون باسم العرية على قول ابن القاسم.
الثاني: أن تكون الثمرة قد طابت.
الثالث: أن يشتريها بنوعها.
الرابع: أن يكون باليابس منه.
الخامس: أن يكون في الذمة فلا يشتريها بمعين.
السادس: أن يكون مؤخرًا إلى الجذاذ.
السابع: أن تكون خمسة أوسق فأدنى.
الثامن: أن يشتري جملتها، فلا يجوز شراء بعضها، وقيل: يجوز.
وحوز العرية أن يكون فيها ثمرة أو يقبض أصولها ولا تحصل الحيازة إلا بها، رواه ابن حبيب.
وقال أشهب: تتم بالإبار أو بتسليم الرقبة.
الشرط العاشر: أن يكون خليًا عن القصد لظاهر جائز يتوصل به إلى باطن ممنوع:
وهو المعبر عنه ببيوع الآجال، وقد منع من ذلك مالك سدًا للذريعة، والأصل أن ينظر إلى ما خرج من اليد وما رجع إليها، وقابل أحدهما بالآخر، فإن كان مما لو ابتديا المعاملة عليه جاز فأجز وإلا فامنع إن كان الوجه مما يكثر القصد إليه كالبيع والسلف، وإن كان مما يقل كضمان بجعل فقولان مشهوران، وإن كان مما يبعد جدًا كسلفني وأسلفك، فالمشهور الجواز خلافًا لابن الماجشون، ويعبر أصحابنا عن هذه الأوجه الخلافية بالتهم البعيدة وبحماية الحماية وضع وتوجل يرجع إلى السلف بزيادة وإلى الربا والضمان بالجعل وحط عني الضمان وأزيد يرجعان إلى السلف بزيادة مثال ذلك أن يشتري سلعة بعينها إلى أجل، ثم يشتريها بالثمن الثاني إما مثل الأول أو أقل أو أكثر، وهو إما نقص وإما إلى أجل، ثم الأجل إما مساو أو أقل أو أكثر، فهذه اثنتا عشرة صورة، وما قبل الأجل كالنقد فتبقى تسع صور، فإن كان الثمن عينًا واتفقا في الصفة امتنع منها ما تعجل فيه الأقل، وهو أن يبتاعها بأقل نقدًا أو بأكثر إلى أبعد، واختلف الثمنان بالنوع، فإن كان البيع الثاني مؤجلاً امتنع مطلقًا لأنه صرف بتأخير، وإن كان نقدًا وكان الثاني أقل من صرف المتأخر امتنع وإن كان مساويًا فقولان المنع في المدونة، والجواز في غيرها، وإن كان أكثر جدًا جاز على المشهور، وإن اتفقا بالنوع واختلفا بالجودة والرداءة، فإن تعجل الأفضل جاز، وإن تعجل الأدنى امتنع، وكذلك إن تساوى الأجلان أو كان الثاني أبعد، وإن كان الثمنان عروضًا من جنسين مختلفين جازت الصور كلها، وإن كانا من جنس امتنع ما تعجل فيه الأقل، واختلف فيما إذا كان الثاني بأكثر نقدًا أو بأقل إلى أبعد بناء على قرب ضمان بجعل أو بعده وإن كان الثمنان طعامًا من نوعين مختلفين فكالعينين المختلفين، وكذلك إن اختلفا بالجودة والرداءة، وإن كان من نوع واحد فكالعروض، ولو كان الثاني بعضه نقدًا وبعضه مؤجلاً، فإن تعجل الأقل امتنع، ومنع ابن الماجشون المؤجل إذا كان مساويًا والأجل أبعد بناء على قرب أسلفني وأسلفك مثاله أن يبيعه ثوبًا بمائة إلى شهر، ثم يشتريه منه بخمسين نقدًا وخمسين إلى شهرين، والمشهور جواز ذلك مخرج الخمسين مسلفًا ليأخذ عنها خمسين عند الأجل على أن يسلفه الآخر خمسين يأخذ عنها خمسين إلى تمام الشهر الثاني، وإذا وقعت بياعات الآجال على الصفة المكروهة، فإن كانت السلعة قائمة فسخ البيع الثاني خاصة.
وقال ابن الماجشون: والأول إلا أن يصح أنهما لم يتعاملا على العينة، وإنما وجدها تباع فاشتراها لم يفسخ الأول، وإن فاتت بحوالة سوق على مذهب سحنون أو بالعيوب المفسدة كما ذهب إليه التونسي وغيره على مذهب ابن القاسم، فقيل: تفسخ الأولى، وتصح الثانية بالقيمة، وقيل: إن كانت القيمة أقل فسخًا معًا، وإن كان أكثر فسخت الثانية خاصة، وقضى عليه بالقيمة، فإذا حل الأجل أخذ الثمن وأهل العينة قوم علموا فساد سلف جر منفعة وما ينخرط في سلكه من الربا والغرر فأظهروا سلعًا تظهر فيها الحيلة ومقصدهم التوصل إلى الفساد مثاله أن يقول: اشتر سلعة كذا وأنا أربحك فيها كذا، فإن سمى الثمن وأوجب البيع وباعها منه إلى أجل منع بلا خلاف؛ لأنه يئول إلى سلف جر منفعة، وإن كان على النقد فقولان الجواز إذ لا تأخير يئول إلى سلف بزيادة، والمنع لأنه بيع ما ليس عندك.